samedi 18 février 2012

حكم تونس و دين ملوكها




Par : Eya Frioui 

الدولة أو تلك المؤسسة السياسية و الاجتماعية الأهم و التي لا تستقيم بدونها حضارات الأمم و لا تشع ثقافاتهم إلا من خلال حسن سير دواليبها و قيام الدولة التونسية الجديدة تلك هي معركة التونسيين القادمة و إن تغافلوا عنها.
أن يبحث شعبي اليوم عن دولة قوية يحتمي بها من متاعب الحياة و ضغوطها و يطلب من خلالها عيشا كريما و مستقبلا أمنا هو أمر مشروع و مطلب معقول و لكن اعتقد بان رحلة البحث و التنقيب عن اثأر هذه الدولة الناشئة قد تتأخر و قد تكلفنا سنوات تكون اقرب إلى الجمر منها إلى النعيم كي نهتدي  إلى معالم هذه الدولة مبادئها أسسها و مقوماتها و الأهم أن نحصل أخيرا على الوصفة السحرية لتكوين أول مواطن عربي مسلم متوازن سعيد و قادر على الإنتاج و المساهمة في البناء البشري العالمي
و لكن كيف لنا أن نسعد و نسعد العالم و نحن أشقياء تعساء?
فاقد الشيء لا يعطيه !!

قيام هذه الدولة في بلادنا لا يرتبط بتعاقب حكومات و لا بتعدد الوزارات و تنوع الحقائب الدبلوماسية ولا حتى بالتقسيم المحكم للمسؤوليات فالدولة قبل أن تكون هياكل منظمة أو شخوص معينة الدولة فكر ومنهج عقلي و توجه حياتي يراعي واقع الشعب المعيشي ليأخذ بيدهم و ليخفف عنهم و ليعبر عن مشاغلهم ..
الدولة مؤسسة تحكمها السببية و أن القينا نظرة على كتابات ابن خلدون الذي يرى ان ما نعيشه من واقع اجتماعي و أحداث تاريخية هي علاقة خاضعة للحتمية و ليست أبدا وليدة الصدفة لارتباط الوثيق بين السبب و المسبب و إن عرف شعبي اليوم السبب لا بطل عجبه و قلت حيرته و لا استحال هذا الجزع الى هدوء و رصانة للبحث عن الحلول
فما أشبه الماضي بالحاضر و كان الأمس القريب متواصل تحت اسم مستعار فعقلية الجنس البشري لا و لن تتغير في غضون اشهر قليلة و الأهم ميل الطبيعة البشرية للتقليد الاعمي;
فالإنسان يميل إلى التقليد و مثل ذلك تجده في تاريخ العرب مع الحكم ,تقليد الناس لأصحاب السلطة و تقليد أصحاب السلطة لأصحاب السلطة السابقة وان المغلوبين; أصحاب الدولة التي زالت و انتهت يقلدون أصحاب الدولة الجديدة...

أما الدولة الحالية فلم يتشكل بنيانها الجديد و لا اشتد عودها و لا انتظمت هياكلها فالدولة التونسية اليوم هي امتداد لبقايا نظام سابق.
و أما الماضي بكل شوائبه من فساد إداري و أخلاقي و مجتمعي فهو متواصل لا محالة مسترسل و ضارب عروقه في القدم.
و أما دين الملوك فهو متحول متغير منسجم مع رغبات و مصالح الحياة و إن اختلفت الشواهد و تعددت المأخذ.
و سؤالي ماذا بقي لشعب ضعفت دولته و ساء صيته و سير مجتمعه و انتهى 
بتسييس دينه فلا رادع و لا مرجعية. 

 شاء القدر و التاريخ و جبروت حاكم أن يجعل من شعبي صاحب أول ما أطلق عليها بثورة الربيع العربي و إن كان لي تحفظ شديد على هذه التسمية الهوليودية السينمائية إلا أنني ككل التونسيين افتخر بما أنجزه شعبي عندما كسر حاجز الخوف و جعل من تونس البلد الصغير الذي وقف العالم لتحيته باحترام و إجلال لذكرى شهداءه
لكن سرعان ما انصهر هذا الشعور بالكبرياء و الفخر لترتسم على محيا هذا الشعب علامات الضيق و الحيرة و حتى الضياع
إلى أين تقودنا كل هذه الصراعات و التجذبات?
و إلى اين تاخذنا السياسات المتهورة?

لنلقي نظرة بسيطة إلى الماضي الذي عشناه و إلى الواقع الذي اختزلنا و لنتساءل بجدية عن ما ينتظرنا و من سيحدد مستقبل هذا الوطن .
في بلدي بتسال شعبي اليوم عن هوية هي متأصلة فينا و إن أنكرنا و تحفظنا و في بلدي اليوم تطرح أسئلة أجاب عنها أجدادنا و إباءهم و في بلدي اليوم نعيد صياغة المسلمات بدعوى الحوار و تحت مسمى حرية التعبير و التشدق بما يشاء هذا أو ذاك في بلدي أصبحت نساءنا سافرات و محجبات و منقبات و تحول رجالنا إلى ملتحي و حليق و أصبحت بلدي قبلة لكل من هب و دب كي يخطب فيها و يصعد على منابرها الشريفة و يحاور التونسيين بفوقية المثقف أو سذاجة الحقوقي أو بوعيد الشيخ و جزره او بدهاء السياسي و مكره و حتى بانتهازية رجل المال و الأعمال .


فلا احد منكم حاور عقلي او لامس روحي و لا خاطب الإنسان فيا أو جعلي أفكر كيف و ماذا أقدم لتونس: 
 
اعتذر يا سيدي الرئيس فانا لم افهم خطاباتك الطويلة و جملك المعقدة و لم أرى فيها ما يخصني او يهمني فلا إضافة تذكر و إن حدثتنا عن الحرية و الكرامة فهذه مطالب شعب افتكها فلا منة لك علبنا بها.
استميحك عذرا أيها الداعية المتقي وجدي غنيم الورع الملم بشرع الله و لكنك لم ترى فيا إلا فرجا ليطهر إما مكرمة أو تجميلا فنسيت إن المرأة إنسان أولا قبل أن تكون فرجا.


و بين رجل السياسة و الدين تبقى المرأة في بلادي تتأرجح بين خطاب السياسي المبشر بالحقوق و الكرامة و المساواة الواهية و البالية و بين وعيد رجل الدين المتكلف يهددها بنيران جهنم و بأس المصير إن لم تغض بصرا أو تخفض صوتا.


الأغلب أن عاصفة الثورة المقدسة مرت على أرضنا فاقتلعت الجذور و القشور و لكنها لم تقدر على عقول أفسدها دهر من المكر و الدهاء و الفساد كما لم تقدر ثورتنا ان تفرز قيادة شابة من صلبها و ببراءتها كي تعبر عن مطامحها قيادة تستهوي التونسيين و تالف بين أمالهم ;
و الأدهى و الأمر أن تعدد المحاولات لتقوم دولة على أنقاض أخرى هذا ما لا أرى فيه مخرجا و لا استشرف منه خيرا فكيف لاى حكومة و وان ضمت اشد الكفاءات و الخبرات مقدرة كيف لهذه الحكومة بان تغير من ثقافة مواطن في غضون اشهر...

الرئيس مواطن و الوزير مواطن و الشرطي مواطن و أنت ايا القارئ كذلك مواطن و لكن بدرجات مختلفة و إن أوهموك بالعكس و هذه الدرجات مازالت تفصل بيننا و بين البناء الحقيقي للدولة المتجردة و القوية و العادلة.
إن خطاب الداخل اشد و أهم و اقوي من أن نطالب العالم بدعم هذه النقلة التاريخية
 


قبل أن نسعى إلى شحذ الهمم و قبل أن نطالب الغير بان يمد يد العون إلى بلدنا ألا يجدر بنا أن نساعد أنفسنا و أن نتعظ من تجارب السابقين و بلد المليون شهيد
 فالصبر و الرصانة و المثابرة كانت تلك وصايا الرئيس الجزائري عبد العزيز بو تفليقة عندما خاطب الشعب التونسي و كم كان صادقا في خطابه ...

كيف للغير و لمن لم يعش معاناة التونسيين مع الفقر و الظلم كيف له أن يفهم ما نحتاج و ما نحس و بما نحلم و إن أتى من الشرق المسلم محملا بفتاوى 
إرضاع الكبير و مفاخذة الصغير و نكاح الموتى ? 

ما يعني نساء الشمال الغربي البارد و المتجمد إن قمت بعمليات تجميل او الطهارة لأعضائهن التناسلية ?
ما يعني أمهات الجنوب إن حرمت مصافحة الرجال و قد استقطبن بكرم الفقير أهالي ليبيا نساء و رجالا و تقاسموا نفس السقف?
كيف للغير و لمن لم يعش جور الاحتلال و مظالم المحتل أن يفهم توق شعب للحرية و للكرامة?
كيف للغرب الهجين و الذي ساند و سكت عن ظلم النظام السابق أن يفهم انتماء شعبي إلى تراث غني و دين متسامح?
ما يعني التونسي الذي طالب بالكرامة أن يقدم له الغرب كل القروض و المساعدات المالية ليعيد بناء دولته و يحقق انتمائه الديمقراطي و هو يعرف حق المعرفة أن هذا الغرب الانتهازي لم يساند قضيته أيام الاضطهاد و التعذيب?
أنها أحكام السياسة و متغيراتها ..

لم اعتقد يوما باني سأكون غريبة في بلدي و لم استشرف أبدا يوما تعيش فيه تونس انقساما كالذي أراه اليوم و أن ينحاز أبناء بلدي إلى مرجعيات أخرى غير الوطن !!!
ما يألم كل مواطن صادق الولاء لهذه الأرض الطيبة التي أنجبتنا و انشائتنا اشد ما يؤلمنا أن نرى حبال الود قد قطعت بين أبناء تونس فان جمعتنا عصا الحاكم الجائر فرقتنا دعاوي الديمقراطية الناشئة و خطابات السياسيين و أكاذيب المنافقين و مطامح الزعامة و الريادة الشخصية.
لم اعتقد يوما و انأ تونسية الأصل و الهوى أن يتلاعب بنا الشرق و الغرب في ان و ان نتجرد من مواقفنا و حيادنا و أن نفقد الشخصية التونسية الواثقة
لم أجد من هو اقدر و أكفا من شيخنا الجليل محمد متولي لشعراوي و هو العالم الملم كي استشهد بكلماته و خبرته في معالجة ثنائية السياسة و الدين
لماذا لا انتمي إلي حزب ديني ?
لأن الانتماء إلى حزب ديني ليس من ركائز الإسلام ولا يضير إسلامي شيء إن لم أنتم إلى هذا الحزب.
فأنا مسلم قبل أن أعرفكم وأنا مسلم قبل أن تكون حزباً وأنا مسلم بعد زوالكم ولن يزول إسلامي بدونكم
لأننا كلنا مسلمون، وليسوا هم وحدهم من أسلموا!!
،و
ينهي الشيخ محمد متولي الشعراوي: "أتمني أن يصل الدين إلي أهل السياسة.. ولا يصل أهل الدين إلي السياسة"
فإن كنتم أهل دين، فلا جدارة لكم بالسياسة وإن كنتم أهل سياسة فمن حقي أن لا أختاركم ولا جناح على ديني
·        
فلا تكونوا أيها التونسيون الأعزاء من القوم الذين يعتصمون بدين ملوكهم و يعبدون أصحاب الجاه و السيادة و المعالي فان صلوا صليتم خلفهم و إن نافقوا نافقتم و إن جاهروا بالمكر و الغلظة خضعتم ..
لا تجعلوا من الدولة محل مزايدات و صراعات بل كونوا أوفياء لوطن فيه عزتكم و مجدكم و اعتزازكم بالانتماء إليه و ارتقوا بدينكم و فرائضكم إلى الاه هو الأعلم بما تسرون و بما تعلون فلا رياء في الدين و لا تداخل بين 
المصالح السياسية الفانية و بين علاقتكم بربكم 

و رسالتي إلى دعاة الديمقراطية و كأنه هدف الثورة الاسمي فلا خير في ديمقراطية تفرق و تهدم فلا تنفع و لا تحسن لا من معيشة و لا من حياة بل أصبحت مصدر 
شجار و عراك و تناحر متواصل .
نسينا أيها الشعب الكريم بان الديمقراطية هي آلية و وسيلة و ليست هدفا في حد ذاته و تناسينا بان الدينارقي من أن يصبح سلعة يتاجر بها آو بان يتصدر صفحات برامج انتخابية.

أيها المواطن العزيز أن تطالب بدولة ديمقراطية هي دعوة علانية لان تطبق رغبة و توجه الأغلبية و اعتقادي المتواضع أن بلادنا التي انتفضت ضد شدة الظلم و الجور لن تنجح في تحدي بناء الدولة القادمة إذا لم تستمع للآراء جميع أبناءها و أن توفق و تالف بين القلوب.
فايها التونسيون الاعزاء و الاحباء و الاشقاء الفوا بين القلوب و العقول و اتركوا دين ملوككم
For Tunisia & all Tunisians who care about OUR COUNTRY !! ..

2 commentaires:

  1. خطاب و ان بدا في اسطره الاولى محايدا الا ان الكاتب سرعان ما ضل طريق الحياد فالمقال المطروح كمن يدس السم في العسل فمغالطة الكاتب انكشفت عند قوله ان النظام في تونس لم يتغيير فشتان بين حكومة جاثمة على اعناق البشر منذ عقود و حكومة منتخبة جمعت اكثر الاطياف السياسية تمثيلية ....اما في ما يخص علاقة الاسلام بالسياسة فان الكاتب يضع الاديان كلها في نفس الخانة فليست العلاقة بين المسيحية و السياسة كالعلاقة بين الهندوسية و السياسة و كذلك الاسلام ...و هذا يعود لفقر معرفي بالديانات عامة و بالاسلام دين الشعب التونسي خاصة ..انصح كاتب المقال بمطالعة كتاب الدين والسياسة ...

    RépondreSupprimer
    Réponses
    1. اشكر اهتمامك و مرورك الكريم ولكن أود أن الفت انتباهك إلى أنا هذا المقال لا يتطلب الحياد ولا يهدف إلى الإقناع بقدر ما يهدف إلى الدعوة للحوار واشارتي إلى أنا النظام في تونس لا يتعير هو إشارةٌ إلى أن مفهوم ة الدوله وهيكلها القديمة مازال باقي ؛ وهذا ليس فيه إشارةٌ إلى عمل الحكومه . أخيراً اشكرك لنصيحه القيمه واعتبر أن ثنائية الدين والسياسة هي أشمل من التخصيص وأدعوك بلطف لتلقي نظرةً الى الإسلام والفكر المعاصر - محمد متولي الشعراوي. مع شكر
      Eya Frioui

      Supprimer